كان متلهفا ليأخذ تذكرته بعد أن قطعها أباه من أمام باب معرض القاهرة للكتاب
أخذ التذكرة و أخرج من جيبه ورقه مكتوب فيها قائمة الكتب الذى يود أن يشتريها
1- مبادىء فى النحو
2- ديوان الشوقيات
3- الطريق الى كتابة القصة
4- تاريخ الادب العربى
5- الفصول فى سيرة الرسول
6- سلسلة العبقريات
كان متلهفا أن يشترى هذه الكتب
ووالده ينظر إليه بإبتسامه ليست إبتسامة فخر بأن والده الصغير مهتم بهذه الكتب و لكن إبتسامه فيها من السخريه
و بدأ الطفل يتجول داخل سرايا المعرض و بين دور النشر يبحث عن ضالته
و بدأ فى جنى أول كتبه حيث كانت الشوقيات،: نعم هو هو دو الجلده الخضراء أعرفه جيدا
سأشتريه
فأخرج كيس نقوده حيث فيها نقود عيديه عيد الفطر و الاضحى ، لم يشترى حلوى او مسدس خرز كبقية الاطفال و لكن أصر أو يوفر النقود لمعرض الكتاب
و دفع ثمن الكتاب للرجل و وضع الكتاب ذو المجلدين داخل شنطته الصغيرة
و أثناء تجوله داخل المعرض قال أبوه له : بنى هذا جناح الاطفال حيث القصص الشيقة و أسطوانات الكارتون، ألا تدخل
تمعر الطفل لابيه و قال: نعم أنا أدخل جناح الاطفال ؟!!أترانى صغيرا
بعد أن أشتريت الشوقيات أاشترى ميكى و مؤمن هيا بنا يا أبى
وأستمر الاب الحليم و أبنه المتمرد يكملون جولتهم حيث ذهبوا إلى سور الازبكية
و أبهر الطفل بتلال الكتب الملقية على الارض
و بدأ الطفل المتمرد بجنى بعض الكتب المطلوبة كتاب كتاب و يدفع من مصروفه
و أستمر الاب فى إبتسامته الحكيمة لعل بها مغزى
و مع إرتفاع أسعار الكتب فقد خيبت كيس نقده جميع تصوراته ، فكبس نقوده لم يكفى إلا لأربع كتب فقط
فطلب من والده أن إثراضه بعض الاموال حتى يكمل هدفه
زادت إبتسامه الاب و قال له : ما هى اسماء الكتب التى لم تشتريها بعد
قال الابن
الكتاب ذو الجلدة الصفرا
و الكتاب ذو الجلة الحمراء
و الكتاب المرسوم عيه عصافير
قال الاب قصدك : الفصول فى سيرة الرسول
قال الابن : نعم نعم
فقال الاب الحكيم للابن : قبل أن إقرضك المال الكافى لشراء هذه الجلدات
شوف أشترى لك كتاب أختاره أنا و هذه شرطى و يكون هو أول كتاب تقرأه
فقال الطفال الصغير : لا بأس
فدخل الابن و الاب ألى قاعة سفير : و مد الاب يده بإحضار بعض الكتب الصغيرة و اعطاها لطفله
فقال الطفال لابيه ما هذه الكتب يا أبى فقال له الاب
اجاب الاب: هذه كتب تعليم القراءة
فتضايق الطفل من أبوه و قال له : با أبى ءأنا صغير حتى تأتى لى بهذه الكتب فبعد كل هذه الكتب الكبيرة أحضر هذه الكتب ذات العشر ورقات.
فقال له الاب: سأسألك بنى عدة أسئلة
فقال اله الاب: تفضل.
قال له الاب : من أعطاك لسته الكتب التى اشتريتها
قال الطفل : اختى الكبيرة
قال له : ممكن أن تقرأ لى عناوين هذه الكتب
قال له : لا استطيع
قال له : لماذا
قال له الطفل : لاننى لم اتعلم القراءة بعد
قال له الاب : و ماذا ستفعل بهذه الكتب التى إشتريتها
قال الطفل لابيه بلهجته البسيطه : لكى اصبح اشطر واحد فى العربى فى الحضانة
قال له الاب:وهل شرائك لهذه الكتب الكبيرة ستكون سببا فى تفوقك فى اللغة
و أردف الاب: هل نستطيع أن نبنى الدور الخامس لمنزل لم نبنى فيه الدور الاول
قال الطفل : لا
هكذا إذا: يجب أن ندرس القراءة أولا ثم ندرس كل هذه الكتب
احس الطفل بخطئه و أحس أن آماله هدمت و أن تمثال الادب و الثقافة الذى كان داخله أنهار.
فقال الطفل لابيه فى نبره دلال : خلاص يا ابى انا سوف أرجع الكتب مرة اخرى
فقال له الاب : لا لن ترجعها سوف تبقى عنك لتكون درسا لك وهو ألا تحصل على شىء إلا فى حدودك و إمكانياتك
ورجع الطفل ليس كما ذهب
رجع و فى يده كتيبات سفير لتعليم القراءة و خلفه شنطة مليئة بالمجلدات التى لن يسمنه و لا تغنيه من جوع
و يوم بعد يوم تعلم طفلنا القراءة و بدأ يتقدم فى سنواته الدراسيه إلا أن جاء اليوم و قرأ هذه الكتب التى إشتراها يوم كان صغيرا
و على جبينه
نفس الابتسامه التى كانت على جبين أبيه يوم معرض الكتاب
(تمت )